ببالغ الحزن والاسى تنعى جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين رحيل قامة من قامات الابداع العراقي وهي المهندسة المعمارية العراقية الأشهر عالميا ( زها حديد ) التي توفيت يوم الخميس 31 آذار 2016 في احدى مستشفيات مدينة ميامي الأمريكية عن عمر ناهز 65 عاما إثر نوبة قلبية. حيث كانت تعاني من التهاب رئوي أصيبت به مطلع الأسبوع وتعرضت لأزمة قلبية أثناء علاجها في المستشفى”.
وتعد المعمارية زها حديد إلى حد كبير أهم مهندسة معمارية في العالم، حيث كانت تهتم بالعلاقات بين الهندسة المعمارية والمناظر الطبيعية والجيولوجيا، وزها حديد هي أول امرأة تحصل على الميدالية الذهبية من المعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين تقديرا لعملها. وحصلت ايضاً على جائزة بريتزكر للعمارة في عام 2004 وكانت أول امرأة في العالم تتلقى هذه الجائزة الرفيعة التي تعادل الحصول على نوبل، بحسب المتخصصين في هذا المجال.
ولدت زها في 31 أكتوبر/ تشرين الأول عام 1950 في بغداد وهي ابنة وزير المالية العراقي الأسبق محمد حديد. وقد أنهت دراستها الثانوية في بغداد، ومن ثم حصلت على شهادة البكالوريوس في الرياضيات من الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1971. كما درست العمارة في الجمعية المعمارية في لندن (1972-1977) حيث مُنحت شهادة الدبلوم عام 1977م . وقد تميزت زها حديد بنشاط أكاديمي واضح منذ بداية حياتها العملية، فقد بدأت التدريس في الجمعية المعمارية. وكانت بداية نشاطها المعماري في مكتب ريم كولاس وإليا زنجليس أصحاب مكتب OMA ثم أنشأت مكتبها الخاص عام 1978. وفي عام 1994 عينت أستاذة في منصب كينزو تاجيه، في قسم التصميم (الدراسات العليا) بجامعة هارفارد ومنصب سوليفان في جامعة شيكاغو بمدرسة العمارة كأستاذ زائر. في بعض الجامعات مثل جامعة ييل. كما قامت بإلقاء سلسة من المحاضرات في أماكن كثيرة من العالم، وهي أيضًا عضو شرف في الأكاديمية الأمريكية للفنون والأدب والمعهد الأمريكي للعمارة.
أقامت زها حديد العديد من المعارض الدولية لأعمالها الفنية التي تشمل التصاميم المعمارية والرسومات واللوحات الفنية. وقد بدأتها بمعرض كبير في الجمعية المعمارية بلندن عام 1983. كما أقامت مجموعة من المعارض الأخرى الكبيرة في متحف جوجنهايم بنيويورك عام 1978 ومعرض GA Gallery بطوكيو عام 1985 ومتحف الفن الحديث في نيويورك عام 1988، وقسم الدراسات العليا للتصميم في جامعة هارفارد عام 1994، وصالة الانتظار في المحطة المركزية الكبرى بنيويورك عام 1995. كما تشكل أعمالها جزء من المعارض الدائمة في متحف الفن الحديث بنيويورك ومتحف العمارة الألمانية في فرانكفورت.
تتميز أعمال زها حديد باتجاه معماري واضح في جميع أعمالها وهو الاتجاه المعروف باسم التفكيكية أو التهديمية وهو اتجاه ينطوي على تعقيد عال وهندسة غير منتظمة، كما أنها تستخدم الحديد في تصاميمها بحيث يتحمل درجات كبيرة من أحمال الشد والضغط الذي يمكنها من تنفيذ تشكيلات حرة و جريئة. وقد ظهر هذا الاتجاه في عام 1971 ويعد من أهم الحركات المعمارية التي ظهرت في القرن العشرين. ويدعو هذا الاتجاه بصفة عامة إلى هدم كل أسس الهندسة الإقليديسة (نسبة إلى إقليدس، عالم الرياضيات اليوناني) من خلال تفكيك المنشآت إلى أجزاء. ورغم الاختلاف والتناقض القائم بين رواد هذا الاتجاه إلا أنهم يتفقون في أمر جوهري واحد وهو الاختلاف عن كل ما هو مألوف وتقليدي.
وفقا لتصنيف جينكز لعمارة التفكيك، فإن أعمال زها حديد تقع ضمن الاتجاه البنائي الحديث New constructivism وقد ارتبط هذا الاتجاه أيضا بأعمال ريم كولاس؛ وتتلخص رؤيتهم للتفكيك قي تحدي الجاذبية الأرضية من خلال الإصرار على الأسقف والكمرات الطائرة، مع التأكيد على ديناميكية التشكيل، حتى أنه أطلق على أعمال زها حديد اسم ( التجريد الديناميكي ).
واهم مايميز تصميمات المهندسة (زها حديد)، الخيال والمثالية والتي يدعي البعض أنها غير قابلة للتنفيذ، حيث أن أبنيتها تقوم على دعامات عجيبة ومائلة، ويؤكد بعض النقاد أن هذه التصميمات تطغى عليها حالة من الصرامة. بينما فندت عملياً المعمارية العراقية اتهامات بعض النقاد بأنها مهندسة (قرطاس) أي يصعب تنفيذ تصميماتها، بعد اكتمال تشييد متحف العلوم في فولفسبيوج شمال ألمانيا، الذي افتتح في نوفمبر 2005، والذي يؤكد أن مقولة (مهندسة قرطاس) ليس إلا ادعاء كاذب من معماريين يعيشون مع الماضي؛ لأن كل الذي وضعته على شاشة حاسوبها استطاع الآخرون تنفيذه، كما أورد موقع (الشرقية).
وأنجزت حديد العديد من المشروعات وفازت في مسابقات معمارية عديدة، ومن هذه المشروعات ما تم تنفيذه ومنها ما تحت التنفيذ.ومن أهم هذه المشروعات , منصة تزحلق على الجليد في أنسبروك في النمسا، ودار الأوبرا في غوانغجو في الصين، وفي كارديف عاصمة ويلز، وكذلك المتحف الوطني لفنون القرن الـ21 في روما (ماكسي)، ومجمع في منطقة هاي لاين بمانهاتن. ومحطة إطفاء الحريق في ألمانيا، ومتحف الفن الحديث في مدينة سينسيناتي الأمريكية، ومركز الفنون الحديثة في روما، وجسر الشيخ زايد في أبوظبي، ومحطة لقطار الأنفاق في ستراسبورغ، والمركز الرئيسي لشركة بي إم دبليو في ألمانيا، ومركز حيدر علييف للمؤتمرات في أذربيجان. كما صممت مركز الألعاب المائية لدورة الألعاب الأولمبية في لندن سنة 2012، وملعب الوكرة في قطر المخصص لاستضافة كأس العالم عام 2022، وكان يفترض أن تشرف على بناء الملعب الأولمبي للألعاب الأولمبية المقررة في طوكيو عام 2020، لكن لم تتم الموافقة على مشروعها في نهاية المطاف بوصفه باهظ الكلفة.
(ومن اهم الجوائز والشهادات التقديرية الحاصلة عليها)
شهادة تقديرية من أساطين العمارة مثل الياباني كانزو تانك، كما حصلت على جائزة بريتزكر المشهورة في مجال التصميم المعماري، حيث تعادل في قيمتها جائزة نوبل، وبذلك اصبحت أول امرأة تفوز بها منذ بدايتها التي يرجع تاريخها لنحو 25 عاماً، كما أنها أصغر من فاز بها سناً وكان ذلك عام 2004. كما فازت بأرفع جائزة نمساوية عام 2002، حيث حصلت على جائزة الدولة النمساوية للسياحة. و اُختيرت زها كرابع أقوى امرأة في العالم ونالت جائزة “ستيرلينغ” البريطانية في عام 2010 ، وهي إحدى أهم الجوائز العالمية في مجال الهندسة، كما مُنحت وسام الشرف الفرنسي في الفنون والآداب برتبة “كوموندور”، واسمتها اليونيسكو “فنانة للسلام”. وفي العام نفسه، اختارتها مجلة “تايم” من بين الشخصيات المئة الأكثر نفوذا في العالم..وتم تقليدها بوسام التقدير من الملكة البريطانية، و اختيرت كأفضل الشخصيات في بريطانيا عام 2012. وايضاً فازت بالميدالية الذهبية للعمارة من المعهد الملكي البريطاني للهندسة المعمارية لعام 2016. وأصبحت المعمارية العراقية أول إمرأة تحصل على هذه الجائزة التي هي أعلى تكريم يقدمه المعهد الملكي البريطاني إعترافا بالانجاز التاريخي في مجال الهندسة المعمارية.
*جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين*